الخميس، 1 نوفمبر 2012

حول مصادر الطائفية

الطائفية هي أحد أهم المواضيع في الثورة السورية منذ بدايتها وحتى اليوم, هنالك دائماً حرج وصعوبة في تناول هذا الموضوع. فتجاهله, وهو واقع أمامنا, يؤدي إلى تفاقمه, واستمرار الحديث عنه قد يكون بمثابة الدعوة إليه, ومن هنا وجوب تناوله بحذر ودقة شديدين.
تبادل النظام والمعارضة التهم الطائفية منذ بداية الثورة, وألقى كل منهما بتهمة الطائفية على الآخر بشكل كامل,
وفي مرحلة متقدمة اضطر كل منهما للاعتراف بشكل أو بآخر بوجود سلوكيات طائفية في صفوفه.
إن اتجاه البعض لهذا السلوك الطائفي له أسبابه على الأرض, ولكنه أيضاً مرتبط بحالة شحن طائفية مستمرة منذ سنوات على الفضائيات وعلى الانترنيت. وهذا ما نتناوله في هذه المقالة, أي أننا سنركز على الدوافع الطائفية على الانترنيت,
ما أقدمه هنا هو نتيجة مراقبة استمرت حوالي الأسبوع لموقع اليوتيوب, حيث حرصت على متابعة الفيديوهات التي تتحدث عن مواضيع متعلقة بالثورة السورية ودراسة التعليقات وردود الأفعال الطائفية عليها, اعتبرت أن الشخص طائفي بمجرد أن يكون له تعليق واحد طائفي, وبالتالي اخترت 100 تعليق لـ100 شخص مختلف, حاولت تغطية طيف واسع من موضوعات الفيديوهات (تفجيرات, تعذيب, قتل, أسر, اعترافات, مشادات إعلامية, مظاهرات …). كما حاولت تجنب الردود التي تكون ردود على تعليقات طائفية بداعي أن الشخص الذي يرد قد تم استفزازه, في النهاية  قد يكون 100 تعليق عينة صغيرة نوعاً ما ولكنها تعطي مؤشر دون شك.
ركزت على نقطتين في كل تعليق:
- من هو الدين أو الطائفة التي يتم التهجم عليها في التعليق
- مكان إقامة صاحب التعليق.
نتيجة النقطة الأولى هي:
26 تهجم على الطائفة المسلمة السنية, منها 18 شتم صريح للسنة, و5 حالات شتم للمذهب الوهابي, وواحد للمذهب السلفي, إضافة إلى تعليقين فيهما شتم مبطن للسنة دون التصريح باسم المذهب او الطائفة ولكن بالدلالة على رموز للمذهب.
أيضا 26 تهجم على الطائفة المسلمة العلوية, منها 25 شتم مباشر وواحدة فقط شتم عن طريق الدلالات.
43 حالة تهجم على المذهب المسلم الشيعي بشكل عام منها 40 شتم مباشر و3 حالات مبطنة وعن طريق دلالات.
يبقى حالتين فقط فيها شتم صريح للديانة المسيحية, وثلاث حالات فيها تحريض على القتل بشكل عام.
بقي لدينا أن نعرف من أين يأتي هؤلاء الطائفيون إلى مجتمعنا السوري:
الدولة التي نالت حصة الأسد هي المملكة العربية السعودية وذلك من خلال 36 تعليق من أصل المئة, تلتها سوريا والولايات المتحدة بـ10 تعليقات من كل منهما, كذلك مجموع باقي دول الخليج (عدا السعودية) هو 10 تعليقات, وأيضا مجموع دول أوروبا كاملة 10 تعليقات. من كل من العراق والجزائر 6 تعليقات, بالإضافة إلى 8 تعليقات هي حصة باقي الدول العربية (عدا الخليج وسوريا والعراق والجزائر), وفي النهاية 3 تعليقات من استراليا وواحد من الكيان الصهيوني. الشكل المرفق يوضح ذلك التوزع:


إن قدوم 10 بالمئة فقط من التعليقات من الداخل السوري له معنى واحد, وهو أن المحركين الأساسيين للطائفية هم إما أشخاص غير سوريين أو سوريون يعيشون في الخارج, وبالتالي غير متضررين مباشرة من فتنة طائفية تقع بعيداً عنهم. بل وربما قد يكون ذلك موضوعاً شيقاً للمشاهدة بالنسبة لهم.
رسالتي للسوريين:

من يحث على الطائفية يعيش في الأغلب بمنأى عن نيرانها، يحرضك لتحرق جارك أو تحترق بنار جارك ويشاهدكما هو من بعيد، يعلق على المعركة يحزن قليلاً عن إن خسر الطرف الذي يشجعه أو يفرح قليلاً إذا انتصر، هذا يذكرني بمعارك الديوك حيث ينتف الديكان ريش بعضهما وقد يموت أحدهما، وسط صرخات جمهوره لا يأبه لمصير أي من الديكين، كل ما يهمه هو أن ينتصر الديك الذي راهن عليه حتى لو خرج هذا الديك بجراح مميتة من معركته.


لا يوجد من يقول عن نفسه طائفي (أنا شخصيا بعد لم أقابل أحد يقول عن نفسه طائفي) لذلك لا تنتظر من الطائفي أن يعرفك عن نفسه بصفته طائفي. الطائفية هي سلوك, وفي معظم الأحيان صاحب هذا السلوك يعتبر نفسه غير طائفي. الحجة التي يستخدمها جميع الطائفيون هي واحدة: "الآخر هو من بدأ", ولكن اعلم أنك لن تتمكن أبداً من معرفة من الذي بدأ حقيقة, لذلك انتبه ولا توقع نفسك في هذه الدوامة.
لن تستطيع أن تقنع الناس جميعاً برأيك فاسعى ليكون الاختلاف والتنوع غنى وتسامح. عندما اسئل اليوم عن الطائفية في سوريا أجيب بأن كلاً من النظام والمعارضة يحويان عناصر طائفية (كما يحوي كل منهما على عناصر غير طائفية), الفرق هو أن المعارضة تحاول لجم جناحها الطائفي دون أن تقدر إلى ذلك سبيلاً, وذلك راجع لعدة عوامل أهمها التحريض الخارجي وعدم سعي الطرف المقابل (النظام) بشكل جدي للجم جناحه الطائفي.
أختم بالقول أن ما عرض أعلاه هو تعليق شخصي على وقائع رقمية حول الطائفية على الانترنيت وأتطلع إلى مشاركاتكم واقتراحاتكم لنتظيف مجتمعنا من هذه الظاهرة.