الأربعاء، 10 أبريل 2013

زهرة عشب ... مظفر النواب

من أحب قصائد مظفر النواب على قلبي: 

لست سوى زهرة عشب
يوم عشق عمرها ترافق الطريق
تلقى النفايات على وجهي
أطل ثانيا بوجهي المعذب الصديق
ورغم ما يشوبني من الأسى
يضحك قلبي الصغير بالرحيق
قد لا يراني عابر منشغل
ينوس عطري الخفير
إنني هنا ... ها هنا
هناك في مداك يا رفيق
لحيظة نجدد الجديد من وفائنا 
ونمنح الشذى بستانا العتيق
لمرة نجيء ...علنا نعي الوجود
أو يعي الوجود وعينا بسره الوثيق
وربما  مضى ...
أختلق العذر له لم يسمع الشذى 
يعيش بئر حزنه العميق
***
لست سوى زهرة عشب 
ربما يدوسها المرور
إنما هيهات أن يداس عطرها الطليق
لقد خلقت هكذا
لكل ذرة في جسدي تظاهرة
لا تزدري تواضعي
سكرت بالندى فمال عودي الرقيق
فإن أراد عابث بروعة الصباح أن يسحقني
أصيح بالعطور كلها كفرت بالطريق

الأحد، 7 أبريل 2013

نجمة ... قصة قصيرة

بعد أن مسح الأرض حوله بنظرة يأس, رفع الطفل رأسه وحدق بنجمة السماء، ثم مد يده نحوها قائلاً: "هل تستطيعين حملي إليك كي أرى والدي, لقد هرب واختفى ليحارب الطغيان, علني أكبر في ظروف أفضل حسبما قال. اشتقت إليه وأريد رؤيته, فهلا رفعتني علني أستكشف مكانه؟".
صمتت النجمة ولم تجب كأنها لم تسمع ما قيل لها.

بعد قليل سمعت طفلتاً تناديها: "أيتها النجمة, هل تملكين بعض المال فتقرضينيه؟ لقد خطفت عصابة والدي وهم يطلبون منا المال لإعادته, أرى أمي دائماً تبكي, وتبحث عمن يقرضها بعض المال وأريد أن أساعدها, طلبت من أصدقائي ولكنهم لا يملكون الكثير من المال, لقد جمعوا لي 17 ليرة ولكن أمي تقول بأن هذا لا يكفي فهل لك أن تساعديني أريد أن أعيد أبي والبسمة لأمي."
لم تفهم النجمة معنى كلمة مال فظلت صامتة.

وفجأة قطع صمتها طفل ثالث حين قال: "والدي اعتقل منذر فترة, يقولون أن السجناء بتأملون السماء في الليل من فتحات زنزاناتهم, فهل ترينه أنت من السماء؟ هل هو بخير؟ هل استطاعوا ضربه كما يقولون في الحي؟ والدي قوي, هو أقوى مني بكثير فهل سيموت تحت التعذيب كما حصل لجارنا؟ وإن مات هل سيحملني شبان الحي على الأكتاف كما حملوا ابن الجيران... آه لكم حسدته يومها, كان محط أنظار الجميع, وحتى اليوم الكل يحييه عندما يراه في الشارع, لقد أصبح بطلاً دون أن يفعل شيئاً, حتى أنه لا يجيد لعب الكرة ولا حتى كحارس مرمى, وبكل الأحوال هو لم يعد يلعب معنا, هو حزين معظم الوقت, رغم كل الهدايا التي انهالت عليه من أقاربه. أشعر أحياناً أنه صار متكبراً لأن الكل يعامله بشكل مختلف, إن حصل نفس الشيء لوالدي لن أترك أصدقائي مثله."
ابتسمت النجمة من سذاجة الطفل الصغير إلا أنها لم تعرف بماذا تجيب.

طفل آخر قال للنجمة: "والدي استشهد على يد عصابة مسلحة, أمي تقول أنهم قتلوه غدراً وأظنها على حق, فلطالما سمعته يروي لأمي كيف كان ورفاقه يعاقبون عناصر العصابات الأشرار ويضربونهم ويودعونهم السجن, والدي أقوى من العصابات وما كان لهم لينتصروا عليه إلا غدراً, قالت أمي أيضاً أنه صعد إلى السماء, فهل رأيته؟ أرجوك قولي له أن يعود فأنا أحبه وأريده أن يحميني من تلك العصابات."

من على شرفة في شارع فاخر ذاخر بالأضواء, سمعت النجمة طفلاً آخر يناديها: " أريد أن أصعد إليك, الجميع هنا يتآمر ضدي. يخفون الأمر عني ولكنني أعرف, فهمت من همساتهم, أبي يحارب اللصوص الأشرار الذين يريدون سرقة الكرسي الذي أورثه إياه جدي,  بينما يريد الآخرون أن ينتصر أبي ويعطيني الكرسي حين أكبر, أريد لأبي أن ينتصر ولكنني لا أريد أن أكبر, أريد أن ألعب بألعابي, أبي دائما متجهم الوجه هذه الأيام, وأمي تقول أنه تعب وقلق, فهل تستطيعين أخذي لعندك مع ألعابي كي أستمتع باللعب؟ وهل ستنصرين أبي على اللصوص سارقي العروش الموروثة؟"

نظرت طفلة في الفراش عبر النافذة وقالت للنجمة: " هل ترين صديقتي هبة ونوارة, كنا نلعب سوية في منزل هبة عندما رمت طائرة برميلاً على المنزل, ومن وقتها لما أرهما, قالت لي أمي أنهما صعدتا إلى السماء فهل تعلمين متى ستنزلان؟ إنني أحسدهما هما تستطيعان رؤية الأرض من عل, ولكن متى ستعودان؟ إن رأيتيهما أخبري هبة أن كل ألعابها احترقت ولكن ليس عليها أن تحزن فبإمكانها أن تأتي لنلعب عندي, سأعيرها دراجتي فأنا لن أستطيع قيادتها بساق واحدة, ولكن عليها أن تعيدها إلي بمجرد ما تنبت ساقي من جديد, أريدك أيضاً  أن تخبري نوارة أنني آسفة لأنني مزقت فستان لعبتها, فلم أكن أقصد ذلك كلما كنت أريده هو إلباس اللعبة فتمزق الرداء, ولكني لم أقصد ذلك, هل تسمعين أيتها النجمة لا تنسي إخبار صديقاتي بذلك, قالت لي الممرضة اللطيفة أني سأخرج من هذا المكان سريعا وأعود إلى منزلي وهناك سأنتظر عودة صديقتاي لترويا لي ما رأتا في السماء. "

غارت النجمة بين الغيوم واحتجبت عن عيون الأطفال، انسلت قطرات المطر من الغيوم وراحت تطرق نوافذ الأطفال، فتح الأطفال نوافذهم وأطلوا ناظرين إلى السماء، يرقبون عودة النجمة بردود على أسئلتهم.

الخميس، 1 نوفمبر 2012

حول مصادر الطائفية

الطائفية هي أحد أهم المواضيع في الثورة السورية منذ بدايتها وحتى اليوم, هنالك دائماً حرج وصعوبة في تناول هذا الموضوع. فتجاهله, وهو واقع أمامنا, يؤدي إلى تفاقمه, واستمرار الحديث عنه قد يكون بمثابة الدعوة إليه, ومن هنا وجوب تناوله بحذر ودقة شديدين.
تبادل النظام والمعارضة التهم الطائفية منذ بداية الثورة, وألقى كل منهما بتهمة الطائفية على الآخر بشكل كامل,
وفي مرحلة متقدمة اضطر كل منهما للاعتراف بشكل أو بآخر بوجود سلوكيات طائفية في صفوفه.
إن اتجاه البعض لهذا السلوك الطائفي له أسبابه على الأرض, ولكنه أيضاً مرتبط بحالة شحن طائفية مستمرة منذ سنوات على الفضائيات وعلى الانترنيت. وهذا ما نتناوله في هذه المقالة, أي أننا سنركز على الدوافع الطائفية على الانترنيت,
ما أقدمه هنا هو نتيجة مراقبة استمرت حوالي الأسبوع لموقع اليوتيوب, حيث حرصت على متابعة الفيديوهات التي تتحدث عن مواضيع متعلقة بالثورة السورية ودراسة التعليقات وردود الأفعال الطائفية عليها, اعتبرت أن الشخص طائفي بمجرد أن يكون له تعليق واحد طائفي, وبالتالي اخترت 100 تعليق لـ100 شخص مختلف, حاولت تغطية طيف واسع من موضوعات الفيديوهات (تفجيرات, تعذيب, قتل, أسر, اعترافات, مشادات إعلامية, مظاهرات …). كما حاولت تجنب الردود التي تكون ردود على تعليقات طائفية بداعي أن الشخص الذي يرد قد تم استفزازه, في النهاية  قد يكون 100 تعليق عينة صغيرة نوعاً ما ولكنها تعطي مؤشر دون شك.
ركزت على نقطتين في كل تعليق:
- من هو الدين أو الطائفة التي يتم التهجم عليها في التعليق
- مكان إقامة صاحب التعليق.
نتيجة النقطة الأولى هي:
26 تهجم على الطائفة المسلمة السنية, منها 18 شتم صريح للسنة, و5 حالات شتم للمذهب الوهابي, وواحد للمذهب السلفي, إضافة إلى تعليقين فيهما شتم مبطن للسنة دون التصريح باسم المذهب او الطائفة ولكن بالدلالة على رموز للمذهب.
أيضا 26 تهجم على الطائفة المسلمة العلوية, منها 25 شتم مباشر وواحدة فقط شتم عن طريق الدلالات.
43 حالة تهجم على المذهب المسلم الشيعي بشكل عام منها 40 شتم مباشر و3 حالات مبطنة وعن طريق دلالات.
يبقى حالتين فقط فيها شتم صريح للديانة المسيحية, وثلاث حالات فيها تحريض على القتل بشكل عام.
بقي لدينا أن نعرف من أين يأتي هؤلاء الطائفيون إلى مجتمعنا السوري:
الدولة التي نالت حصة الأسد هي المملكة العربية السعودية وذلك من خلال 36 تعليق من أصل المئة, تلتها سوريا والولايات المتحدة بـ10 تعليقات من كل منهما, كذلك مجموع باقي دول الخليج (عدا السعودية) هو 10 تعليقات, وأيضا مجموع دول أوروبا كاملة 10 تعليقات. من كل من العراق والجزائر 6 تعليقات, بالإضافة إلى 8 تعليقات هي حصة باقي الدول العربية (عدا الخليج وسوريا والعراق والجزائر), وفي النهاية 3 تعليقات من استراليا وواحد من الكيان الصهيوني. الشكل المرفق يوضح ذلك التوزع:


إن قدوم 10 بالمئة فقط من التعليقات من الداخل السوري له معنى واحد, وهو أن المحركين الأساسيين للطائفية هم إما أشخاص غير سوريين أو سوريون يعيشون في الخارج, وبالتالي غير متضررين مباشرة من فتنة طائفية تقع بعيداً عنهم. بل وربما قد يكون ذلك موضوعاً شيقاً للمشاهدة بالنسبة لهم.
رسالتي للسوريين:

من يحث على الطائفية يعيش في الأغلب بمنأى عن نيرانها، يحرضك لتحرق جارك أو تحترق بنار جارك ويشاهدكما هو من بعيد، يعلق على المعركة يحزن قليلاً عن إن خسر الطرف الذي يشجعه أو يفرح قليلاً إذا انتصر، هذا يذكرني بمعارك الديوك حيث ينتف الديكان ريش بعضهما وقد يموت أحدهما، وسط صرخات جمهوره لا يأبه لمصير أي من الديكين، كل ما يهمه هو أن ينتصر الديك الذي راهن عليه حتى لو خرج هذا الديك بجراح مميتة من معركته.


لا يوجد من يقول عن نفسه طائفي (أنا شخصيا بعد لم أقابل أحد يقول عن نفسه طائفي) لذلك لا تنتظر من الطائفي أن يعرفك عن نفسه بصفته طائفي. الطائفية هي سلوك, وفي معظم الأحيان صاحب هذا السلوك يعتبر نفسه غير طائفي. الحجة التي يستخدمها جميع الطائفيون هي واحدة: "الآخر هو من بدأ", ولكن اعلم أنك لن تتمكن أبداً من معرفة من الذي بدأ حقيقة, لذلك انتبه ولا توقع نفسك في هذه الدوامة.
لن تستطيع أن تقنع الناس جميعاً برأيك فاسعى ليكون الاختلاف والتنوع غنى وتسامح. عندما اسئل اليوم عن الطائفية في سوريا أجيب بأن كلاً من النظام والمعارضة يحويان عناصر طائفية (كما يحوي كل منهما على عناصر غير طائفية), الفرق هو أن المعارضة تحاول لجم جناحها الطائفي دون أن تقدر إلى ذلك سبيلاً, وذلك راجع لعدة عوامل أهمها التحريض الخارجي وعدم سعي الطرف المقابل (النظام) بشكل جدي للجم جناحه الطائفي.
أختم بالقول أن ما عرض أعلاه هو تعليق شخصي على وقائع رقمية حول الطائفية على الانترنيت وأتطلع إلى مشاركاتكم واقتراحاتكم لنتظيف مجتمعنا من هذه الظاهرة.

الأربعاء، 31 أكتوبر 2012

عن ميشيل كيلو وأنور البني (مقالة مكتوبة عام 2007)

منذ أن تم القبض على السيد ميشيل كيلو والسيد أنور البني وإيداعهما السجن بدأت الحملات للمطالبة بخروجهما من السجن, وكأنهما أودعا السجن دون محاكمة أو أنهما لما يرتكبا أي خطأ في حق شعبهما.
كمواطن سوري بسيط أستغرب ذلك كل الاستغراب كيف يتم إخلاء سبيلهما وهما مدانان بتهمة قضائية لا بل قومية وقد تمت محاكمتهما على أساسها. قد لا يشعر القاطن خارج سوريا بخطورة ممارساتهما على المسيرة القومية للبلد ولكننا في الداخل نشعر بذلك قطعاً وسأفصل لكم قصتنا كشعب مع أمثال هؤلاء الأشخاص الذين لا تسعفني اللغة حقيقة في إيجاد الوصف المناسب لهم.
أنا مواطن سوري بسيط كنت استيقظ كل يوم صباحا لأذهب لعملي مثلي في ذلك كحال حوالي 20 مليون آخرين يقطنون هذا البلد, وكنت أشعر دائما في الصباح بوهن مجهول وعدم قدرة على النهوض من الفراش وبعد معاناة طويلة أنهض وأذهب إلى عملي يدور النهار كله في العمل دون عمل وأنا أشعر بالفراغ واللاجدوى والجميع من حولي مصاب بنفس الحالة من الإحباط وكأنه وباء استشرى بين الناس بتأثير إشعاعي, وبعد البحث والتمحيص وسؤال المختصين استطعت أن أتأكد أن هذه الحالة سببها إشعاعي وبت أبحث عن مصدر ذلك الإشعاع, حاول بعض المضللين أن يقنعوني بأن المصدر هو النفايات النووية التي قام بعض رجالات وزعماء النظام الحاكم في سوريا بدفنها في الأراضي السورية وعللوا ذلك بالارتفاع الرهيب لنسبة السرطانات في هذا البلد ولكن الجواب الشافي جاء على لسان أحد عناصر المخابرات في أحد تعازي أحد المتوفين بسرطان الدماغ وصدف أن كان زميلان لي في تلك الجلسة الليلية بعد أن ذهب الجميع ولم يبق سوى رفاق المرحوم حول أهله فحاول أحد المندسين أو المضللين الترويج لموضوع النفايات النووية المدفونة وعلاقته بالسرطانات ولكن الله قدر أن يتم كشف أكاذيبه آنذاك (فهو - الله- كما نعلم جميعا حامي سوريا )فقد صادف وجود أحد عناصر المخابرات في الجلسة والذي بادر لشرح الموضوع للحاضرين قبل أن يطير ذلك الأفّاق بعقولهم ويحرفهم عن الخط الثوري حيث أنه أخبرهم أن النظام لشدة ذكائه قام باستقدام هذه النفايات ودفنها في الأراضي السورية لأنها وبعد سنوات قليلة من الدفن تصبح جاهزة لتخصيب اليورانيوم الأمر الذي لم ينتبه له الغربيون وبذلك ستستطيع سوريا بفضل هذه الحنكة الفريدة والحيلة الخطيرة على الغرب الأغبياء من الحصول على السلاح النووي, طبعا شعر الشاب الذي شكك بنظام بلده بالخجل والندم الشديدين وأقر بجهله بهذه الأمور رغم أنه يحمل شهادة في الهندسة الميكانيكية, طبعا لأن هذه المواضيع هي من اختصاص مهندسي الزراعة فالنفايات النووية لمن لا يعرفها بالشكل (وحتى لا تتعرض أنت أيضاً عزيزي القارئ للتغرير)هي أشبه ما تكون لغرسة الزيتون مع فارق بسيط أنها يجب أن تزرع كاملة تحت الأرض على عكس غراس الزيتون التي نشتريها من المشتل وهي بحاجة إلى الكثير من الأموال والماء والرعاية كما أنها كأشجار الزيتون تحتاج إلى ما يقارب 20 عاما كي تبدأ بإثمار اليورانيوم الذي يخصب فيما بعد في معاصر اليورانيوم
قد يسأل القارئ نفسه لماذا بدأنا بشيء وانتهينا إلى معاصر اليورانيوم في سوريا الجواب في التالي حتى بعد الشرح المستفيض الذي نقله لي زميلاي عن عنصر المخابرات بقيت على شك بسيط بمصدر الإشعاعات ولكن بعد أن تم سجن ميشيل كيلو وأنور البني وعرفت التهمة الموجهة إليهما (بث أخبار كاذبة توهن نفسية الأمة) لاحظت أني لم أعد أستيقظ كما في السابق بل تحسنت حالتي النفسية بشكل ملحوظ وأصبحت أنشط بكثير أقوم كل يوم من فراشي كالحصان والكل من حولي في الشارع والعمل يتحركون بنشاط أكثر كالأحصنة ربما بقوائم أقصر بقليل وآذان أطول ولكن هذا لا ينفي ازدياد نشاطنا.
وتيقنت عندها أن مصدر الإشعاع الذي كنت أبحث عنه هو من هؤلاء الأشخاص لذلك أعتذر من النظام السوري على التشكيك به وأشكره على إبعاد هؤلاء الأشخاص عنا وعن مسيرتنا وأرجو منه أن يسمك ويبطن جدران السجن عليهم كي لا تنفذ الأشعة منها ونعود لما كنا عليه
وها أنا كل يوم في المساء أجلس على شرفتي وأطل على ربوع بلادي أنتظر محصول اليورانيوم وأحلم به وأحضر نفسي لاستعادة أراضينا المحتلة في ظل هذا النظام الواعي والذي يحترم شعبه ويعامله كالأحصنة ولا يهم إن قصرت القوائم وطالت الآذان المهم أننا تخلصنا ممن يبثون الوهن فينا وها نحن مستعدون الآن لمتابعة المسيرة الثورية الناجحة في ظل التطوير والتحديث والشفافية نحو استعادة الأرض والجمهور
12-2007

الثورة السورية والمسرح الشامي


قد لا يختلف اثنان في بلاد الشام على أن أهم تجربتين مسرحيتين في هذه المنطقة هما مسرح الرحابنة بجيليه في لبنان ومسرح الماغوط في سوريا, وبالرغم من أن هذه التجارب المسرحية سبقت الثورة السورية بأعوامها ولكن يبدو لي أنها تنبأت ببعض تفاصيل تلك الثورة, أو أن هذه التجارب المسرحية قد طبعت الجو العام في البلاد لحد الآن الناس أصبحوا يتصرفون وكأنهم جزء من هذه المسرحيات, فهل تنبأ الماغوط والرحابنة بسيناريوهات الثورة من خلال معرفتهم بنفسية سكان المنطقة؟ بعض هذه التطابقات تذهلني: فلا أستطيع مثلاً سماع كلمة “عصابات مسلحة” دون التفكير بشخصية “راجح” في مسرحية “بياع الخواتم” للأخوين رحباني, والقصة لمن لا يعرفها هي قصة قرية يحاول مختارها اجتذاب أنظار السكان من خلال السهريات فيروي لهم يومياً كيف أنه يدافع عنهم ضد قاطع طريق يدعى “راجح”  ويتصدى لمحاولاته لتخريب أمن القرية,طبعاً شخصية راجح مخترعة من قبل المختار ولا توجد إلا في مخيلته, يقوم شابان من القرية “فضلو وعيد” باستغلال الكذبة ويبدآن بممارسة أعمال تخريبية وسرقات حقيقية والاعتداء على السكان, وطبعاُ تلصق كل هذه الأعمال براجح, ولا يتمكن المختار من الرد على هذه الأعمال رغم كل التشديدات الأمنية, وفي نهاية المسرحية يأتي إلى القرية شخص يدعى راجح ولكن يكتشف السكان أنه مجرد تاجر متجول يبيع خواتم للزواج فيخرجون من خوفهم وأوهامهم التي أعاشهم إياها المختار ويهرب اللصان الحقيقيان.
أما عندما أسمع كلمة “إصلاح” أو إصلاحات” فيتبادر إلى ذهني فوراً مسرحية “ضيعة تشرين” للراحل محمد الماغوط وتحديداً إصلاحات “مدبر حلوم” حين يتظاهر الشعب ضده فيقر إصلاحات يبدل من خلالها مناصب المسئولين المتهمين بالفساد ويغير فرق شعره وبيته.
وعندما أسمع المثقفين (الثوريين) والفنانين الذين كانوا ينتقدون الوضع المعيشي في أعمالهم الثقافية والفنية وفي حواراتهم وأقوالهم ويسمون نفسهم ثوريين ويتمسحون بصور غيفارا وغاندي ولينين وثورة الزنج وثورة الزط وجحفل من ثوار التاريخ حتى الوصول إلى سبارتاكوس, عندما أرى بعض  هؤلاء يدافع عن النظام وينظر على الثورة منتقداً مرة توقيتها ,ومرة أسلوبها ,ومرة الفئات المشاركة فيها, ومرة ألوان جوارب الثوار ...  عندما أسمع هؤلاء أتذكر شخصية “رؤوف” في مسرحية “نزل السرور” وهو المثقف الذي يبدأ حياته في المسرحية كمثقف من الطبقة الوسطى مختص بالثورات والكتابة عنها وله العديد من المؤلفات في هذا المجال وكافة أحاديثه ثورية ويعمل دائما وأبداً على تحريك الشعب ليثور ويندد بكل من يتلكأ عن الثورة, وعندما يصل شابان إلى الفندق الذي يعيش فيه ويطالبان بالبدء بالثورة بشكل فوري نجد رؤوف يبدأ بالقول بأن الثورة لا ترتجل ارتجال وإنما هي “تخطيط فحزب فجريدة حزب فإعداد للرأي العام فتهيؤ فاقتحام فالوصول” وهكذا يبذل رؤوف كل مجهوده لإخماد الثورة. للأسف تبين أن العديد من مثقفينا وحتى من يسمون أنفسهم قيادات دينة ما هم إلا رؤوفيون فبعد سنين من النواح طلباً للثورة, واتهام الشعب بأنه كان نائماً راضخاً ها هو الشعب اليوم يتحرك وإذا بالمثقفين قد ناموا أو أغمضوا أعينهم مفتعلين حججاً لا تنتهي. أعزائي الرؤوفيين الثورة موجودة ومستمرة بوجودكم أو من دونكم, وبابها دائما مفتوح لمساهماتكم الإيجابية إن أردتم ذلك, فإن كنتم ترون اعوجاجاُ فيها فاعملوا على تقويمها قبل أن تجرفكم وفكركم ونظرياتكم المعاقة.

الاثنين، 22 أكتوبر 2012

لافتات من الثورة السورية (هذه اللافتات تمثلني) ج1

ثورة لكل السوريين, أشكر كل من شارك في صياغة هذه اللافتات:

ثورة مدنية ودولة مدنية لا لحكم العمائم (حي الكلاسة بستان القصر - مدينة حلب)

 إذا كنا مسيحيين فمنذ أكثر من 2000 عام, وإذا كنا مسلمين فمنذ أكثر من 1400 عام, ولكننا سوريين منذ أكثر من 10,000 عام (مدينة التل - ريف دمشق).


لا للطائفية, قناة صفا "الدم السني واحد" لا تمثلنا. نحن سوريين الدم السوري واحد (كفرنبل - أدلب)


إذا كان بشاركم باق حتى آخر رصاصة روسية, فنحن باقون حتى آخر صرخة حرية (الزبداني - ريف دمشق)


لو كان أطفالنا ينزفون نفطاً, لتكالب العالم على حمايتنا (كفرنبل - أدلب)


يسقط كل من يريد الولاء مقابل الدعم (بنش - أدلب)

إلى الهيئات والكتائب والمجالس والصفحات والتنسيقيات: لن نتقدم نحو النصر خطوة إلا عندما نتقدم نحو العمل الجماعي خطوتين (كفرسوسة دمشق).


إلى ثوارنا: مهما سمت الغاية فإنها لن تبرر الوسيلة (الزبداني - ريف دمشق).


عذراُ: لم يكن أحد موجود في المنزل, الرجاء معاودة القصف لاحقاً وشكراً (حمص).


ما دمت محترماً حقي فأنت أخي ... آمنت بالله أم آمنت بالحجر (يبرود - ريف دمشق).


أيها القافزون من مركب النظام الغارق: أهلا بكم في صفوف الثورة ... وليس في قياداتها. (حاس - محافظة أدلب).


ناس بتحمل علم بنجمتين, وناس بتحمل علم بثلاث نجوم. والاثنين سوريين لو اجتمعوا معاً لأجل سورية, لأصبحت سورية خمس نجوم. (مدينة التل - محافظة ريف دمشق).

ثرنا حباً بسوريا وليس كرهاً بالأسد (حلب).


ليعلم الجميع أن حربنا هي مع نظام الأسد وليس مع طائفة بعينها (كفرنبل - محافظة أدلب)

حتى لو عنا رأيين, شعب واحد مو شعبين (مصياف - محافظة حماه)


إلى لجنة المراقبين الدولية, زيارتكم للرستن أولى من زيارتكم لسلمية (مدينة سلمية - محافظة حماه).

إن الطائفية رجس من عمل النظام فاجتنبوها (داريا -ريف دمشق, السويداء).


 باختصار: العلويون شركاء لنا في الوطن, لهم ما لنا وعليهم ما علينا, الآن وبعد سقوط النظام (حماه).


تحذير لثوار سوريا من مواقف الولايات المتحدة.

أنا درزي وعلوي, سني وكردي, سمعولي ومسيحي, يهودي وآشوري ... أنا الثائر السوري وأفتخر (كفرنبل - أدلب).


 الفرق بين العدل والانتقام, كالفرق بين الثورة والنظام (كفرسوسة - دمشق).


كل قلوب الناس جنسيتي, فلتسقطوا عني هلعكم من الطائفية (مدينة سلمية - حماه).

الأربعاء، 17 أكتوبر 2012

مفاتيح فعالة لكسب الحوار

في العالم الواقعي تلعب أمور جانبية كثيرة في الانتصار في الحوارات كالصوت العالي والعمر والعضلات, إلا أن هذه العوامل مفقودة في العالم الافتراضي ولذلك يجب استعمال وسائل أخرى, قد يتذمر البعض ممن اعتاد لسنوات طويلة على حوارات العالم الواقعي فيجد نفسه مقيدا ومضطرا لاستعمال الكلام فقط في العالم الافتراضي حيث قد لا نعرف هوية المحاور الآخر أو أنه يسكن في مكان بعيد جدا مما يصعب حتى استعمال العضلات لحسم الحوار, ولكن لا تيأس عزيز القارئ فما زال هناك ما يمكن فعله لتقضي على منافسك,
فيما يلي ما تيسر من الأساليب والأفكار التي تضمن انتصاراً شبه مؤكد في معظم حواراتك في العالم الافتراضي. سأحاول إدراجها هنا مع بعض الشرح لطرق ومواضع الاستعمال.

الخطة أ: أكثر من جمل النصر والتحدي بغض النظر عن ارتباطها بالموضوع, مثلاً “
نحن لا نستسلم ننتصر أو نموت” وهي الجملة الشهيرة لعمر المختار, هذه الجملة تساعدك على الظهور بمظهر المقاوم الوطني ويصبح المحاور الآخر هو عدو الوطن والأمة وهو المستعمر بينما أنت الضحية التي تدافع عن الحق حتى آخر قطرة دم (أكرر لا تتردد في استعمالها ضمن أي سياق وفي أي موضوع).


القافلة تسير والكلاب تنبح” هذه الجملة تبين أنك ومن في صفك تعملون وتسيرون إلى الأمام بينما يحاول معارضوكم أن يوقفوا عجلتكم الذهبية الخيرة ولكن أنى لهم ذلك, لا تتردد في استعمالها لتحقير الخصم حتى لو كنت تشعر أنه القافلة وأنك من ينبح فالمهم أن تنطق بالجملة قبله حتى تتمتع بوضعية القافلة وتحوله إلى كلب.


إذا قام محاورك بنقد شخصية معروفة تؤمن أنت بها, فما لك إلا أن تلقي بوجهه بيتي الشعر التاليين:
لا تأسف على غدر الزمان فطالما    رقصت على جثث الأسود كلاب
لا تحسبن برقصها تعلو على أسيادها    تبقى الأسود أسوداً والكلاب كلاب
إذا وجدت صعوبة في حفظ البيتين فاحفظ الشطر الأخير من البيت الثاني فقط.


أما إذا كان نقد المحاور موجها إليك شخصياً ولأفكارك فعليك بجملة أخرى سحرية “لاترمى بالحجارة إلا الأشجار المثمرة” على أساس أنت الشجرة وبتثمر أفكار نيرة والآخرين ينتقدوك من باب الحسد ليس إلا, يمكن أيضا استعمال جملة نابليون “ إذا طعنك الآخرون من الخلف فاعلم أنك في المقدمة”, ولكن الأولوية تبقى للعبارة الأولى كي لا تتهم باستقدام أفكار غربية.

في حال طرح محاورك فكرة جديدة على المجتمع فما عليك إلا باتهامه بعدم احترام عادات وتقاليد وخصوصية مجتمعنا ووصفه بالتبعية للاستعمار والسعي لتدمير قيم مجتمعنا النبيلة, أما في حال طرح التمسك بقيمة مجتمعية يراها جيدة فما عليك إلا بوصفه بالتخلف والرجعية حتى لو كانت هذه القيمة جيدة.

في حال تطرق الموضوع لحقوق المرأة, أو ذكر فيه أي جانب يتعلق بذلك فما عليك إلا بالرزة المزدوجة: “
بترضاها لأمك؟ بترضاها لأختك؟” فإن كان جوابه بنعم تتهمه بالانحطاط والانحلال الخلقي وتهاجم عائلته وشرفه وتمسح فيه صفحات المنتدى أو موقع الانترنيت.


أخيرا إذا لم تنفع ولا واحدة من الوصفات السابقة و شعرت أنك على وشك الخسارة فمالك إلا بسلاح الإبادة الفكرية المتمثل بجملة علي بن أبي طالب “ما ناقشت عالماً إلا وغلبته وما ناقشت جاهلاً إلا وغلبني” بما معناه أنك أنت في قمة هرم العلم وكل العلماء والفهايم تحتك أما من لا يتفقون معك فهم جهلة سفهاء لا يجب أن تضيع وقتك الثمين في نقاشهم (هذه الجملة ذات فعالية عالية جداً احتفظ بها لأكثر الأوقات حرجاً, ولكن كن حذراً من أن يسبقك خصمك إلى استعمالها فيضعك في موقف ضعيف).
الخطة ب: اتبعها في حالتين: إما أنك تشعر أنك خاسر لهذا الحوار لا محالة, أو يمكن استعمالها مباشرة دون التعريج على الخطة أ, وهي كيل سيل من الشتائم بمعنى أو بلا معنى وسبه بشخصه وعائلته ومعتقده ومرجعياته (حتى إن لم تكن تعرف مرجعياته بإمكانك تنسيبه إلى مرجعيات تستطيع شتمها). بهذه الحالة تضمن أنه إما سينسحب من الحوار وبالتالي تكون أنت المنتصر أو أنه سيرد عليك بشتائم مماثلة وعندها تضمن أن موضوع الحوار الأصلي قد ضاع وحسم الموضوع سيتم بضربات الجزاء التجريحية, وعندها طالع حليب النور تبعك, واقصفه بشتى أنواع الشتائم والرذائل, ففي هذه الحالة البقاء للأزبل.
هذه أساليب وأدوات تعلمتها من محاورين قابلتهم وحاورتهم وهي خلاصة سنوات من الخبرة لطالما تجنبت استعمالها ولكنني أضعها في أيدي من يبحث عن نصر قصير في حوار عابر.