الأربعاء، 31 أكتوبر 2012

عن ميشيل كيلو وأنور البني (مقالة مكتوبة عام 2007)

منذ أن تم القبض على السيد ميشيل كيلو والسيد أنور البني وإيداعهما السجن بدأت الحملات للمطالبة بخروجهما من السجن, وكأنهما أودعا السجن دون محاكمة أو أنهما لما يرتكبا أي خطأ في حق شعبهما.
كمواطن سوري بسيط أستغرب ذلك كل الاستغراب كيف يتم إخلاء سبيلهما وهما مدانان بتهمة قضائية لا بل قومية وقد تمت محاكمتهما على أساسها. قد لا يشعر القاطن خارج سوريا بخطورة ممارساتهما على المسيرة القومية للبلد ولكننا في الداخل نشعر بذلك قطعاً وسأفصل لكم قصتنا كشعب مع أمثال هؤلاء الأشخاص الذين لا تسعفني اللغة حقيقة في إيجاد الوصف المناسب لهم.
أنا مواطن سوري بسيط كنت استيقظ كل يوم صباحا لأذهب لعملي مثلي في ذلك كحال حوالي 20 مليون آخرين يقطنون هذا البلد, وكنت أشعر دائما في الصباح بوهن مجهول وعدم قدرة على النهوض من الفراش وبعد معاناة طويلة أنهض وأذهب إلى عملي يدور النهار كله في العمل دون عمل وأنا أشعر بالفراغ واللاجدوى والجميع من حولي مصاب بنفس الحالة من الإحباط وكأنه وباء استشرى بين الناس بتأثير إشعاعي, وبعد البحث والتمحيص وسؤال المختصين استطعت أن أتأكد أن هذه الحالة سببها إشعاعي وبت أبحث عن مصدر ذلك الإشعاع, حاول بعض المضللين أن يقنعوني بأن المصدر هو النفايات النووية التي قام بعض رجالات وزعماء النظام الحاكم في سوريا بدفنها في الأراضي السورية وعللوا ذلك بالارتفاع الرهيب لنسبة السرطانات في هذا البلد ولكن الجواب الشافي جاء على لسان أحد عناصر المخابرات في أحد تعازي أحد المتوفين بسرطان الدماغ وصدف أن كان زميلان لي في تلك الجلسة الليلية بعد أن ذهب الجميع ولم يبق سوى رفاق المرحوم حول أهله فحاول أحد المندسين أو المضللين الترويج لموضوع النفايات النووية المدفونة وعلاقته بالسرطانات ولكن الله قدر أن يتم كشف أكاذيبه آنذاك (فهو - الله- كما نعلم جميعا حامي سوريا )فقد صادف وجود أحد عناصر المخابرات في الجلسة والذي بادر لشرح الموضوع للحاضرين قبل أن يطير ذلك الأفّاق بعقولهم ويحرفهم عن الخط الثوري حيث أنه أخبرهم أن النظام لشدة ذكائه قام باستقدام هذه النفايات ودفنها في الأراضي السورية لأنها وبعد سنوات قليلة من الدفن تصبح جاهزة لتخصيب اليورانيوم الأمر الذي لم ينتبه له الغربيون وبذلك ستستطيع سوريا بفضل هذه الحنكة الفريدة والحيلة الخطيرة على الغرب الأغبياء من الحصول على السلاح النووي, طبعا شعر الشاب الذي شكك بنظام بلده بالخجل والندم الشديدين وأقر بجهله بهذه الأمور رغم أنه يحمل شهادة في الهندسة الميكانيكية, طبعا لأن هذه المواضيع هي من اختصاص مهندسي الزراعة فالنفايات النووية لمن لا يعرفها بالشكل (وحتى لا تتعرض أنت أيضاً عزيزي القارئ للتغرير)هي أشبه ما تكون لغرسة الزيتون مع فارق بسيط أنها يجب أن تزرع كاملة تحت الأرض على عكس غراس الزيتون التي نشتريها من المشتل وهي بحاجة إلى الكثير من الأموال والماء والرعاية كما أنها كأشجار الزيتون تحتاج إلى ما يقارب 20 عاما كي تبدأ بإثمار اليورانيوم الذي يخصب فيما بعد في معاصر اليورانيوم
قد يسأل القارئ نفسه لماذا بدأنا بشيء وانتهينا إلى معاصر اليورانيوم في سوريا الجواب في التالي حتى بعد الشرح المستفيض الذي نقله لي زميلاي عن عنصر المخابرات بقيت على شك بسيط بمصدر الإشعاعات ولكن بعد أن تم سجن ميشيل كيلو وأنور البني وعرفت التهمة الموجهة إليهما (بث أخبار كاذبة توهن نفسية الأمة) لاحظت أني لم أعد أستيقظ كما في السابق بل تحسنت حالتي النفسية بشكل ملحوظ وأصبحت أنشط بكثير أقوم كل يوم من فراشي كالحصان والكل من حولي في الشارع والعمل يتحركون بنشاط أكثر كالأحصنة ربما بقوائم أقصر بقليل وآذان أطول ولكن هذا لا ينفي ازدياد نشاطنا.
وتيقنت عندها أن مصدر الإشعاع الذي كنت أبحث عنه هو من هؤلاء الأشخاص لذلك أعتذر من النظام السوري على التشكيك به وأشكره على إبعاد هؤلاء الأشخاص عنا وعن مسيرتنا وأرجو منه أن يسمك ويبطن جدران السجن عليهم كي لا تنفذ الأشعة منها ونعود لما كنا عليه
وها أنا كل يوم في المساء أجلس على شرفتي وأطل على ربوع بلادي أنتظر محصول اليورانيوم وأحلم به وأحضر نفسي لاستعادة أراضينا المحتلة في ظل هذا النظام الواعي والذي يحترم شعبه ويعامله كالأحصنة ولا يهم إن قصرت القوائم وطالت الآذان المهم أننا تخلصنا ممن يبثون الوهن فينا وها نحن مستعدون الآن لمتابعة المسيرة الثورية الناجحة في ظل التطوير والتحديث والشفافية نحو استعادة الأرض والجمهور
12-2007

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق