الأربعاء، 17 أكتوبر 2012

رسالة إلى ثوار سوريا

أيها الشعب السوري العظيم, يا رجالات الثورة السورية.

لا يخف على أحد أننا منذ بدء الاحتجاجات في سوريا بداعي التغيير نحو سوريا ديمقراطية فيها متسع لجميع أبنائها ليعيشوا بمساواة وعدالة, منذ بدء ذلك التحرك ركزنا وهتفنا بكلمتين "حرية ... حرية" و"سلمية ... سلمية", وبذلك أعلنّا أن مطلبنا الأساسي هو الحرية وأن طريقنا إليها سلمية.
التحرك تم قمعه بمنتهى الوحشية من قبل عناصر النظام  من أمن وشبيحة وجيش, مع ذلك أردنا له أن يبقى سلمياً لأننا دائماً قلنا أن رصيده هو سمليته. حاول النظام في عدة مرات تمرير السلاح للمتظاهرين لإعطاء مبرر لضربهم, تجلى ذلك من خلال أخبار عن إلقاء بعض عناصر الأمن لسلاحهم بشكل متعمد والهروب تاركين السلاح للمتظاهرين في درعا وفي حمص. واعتماد النظام على عدة حوادث قتل متفرقة منها حادثة نضال جنود التي اشتهرت لفظاعتها. بالإضافة لتورط بعض الشبان هنا وهناك في أعمال ذات طابع عنيف, ونحن إن كنا نرى في السابق أن هذه الوقائع هي أخطاء فردية (كحالة نضال جنود) أو ردود أفعال (كما في بعض أحداث درعا) وأنها لا تعطي طابع عام للتحرك , نرى اليوم أن مستوى ونسب هذه الأعمال ارتفع مؤخراً ليصبح ظاهرة قد تسيطر على طابع هذه الثورة وهو ما لم نرده منذ البداية ونصر على عدم القبول به.

لا يخفى علينا الضغط والعنف الذي يواجه الشباب المنتفض في كافة أنحاء سوريا, ولكن مواجهة العنف بالعنف لا تترك فرقا بين الضحية والجلاد, وتضعهم في نفس المستوى وهو ما لانرضاه لشبابنا الشريف أن يوضع بنفس المستوى وأن يكون له نفس السلوك كشبيحة النظام.

لم يفتئ عظماء التاريخ يزدادون عظمة بالسلم والتسامح وليس بالعنف والانتقام, نذكركم يا شباب الثورة بإصرار النبي محمد على أتباعه لتحمل العذاب الذي أوقعه بهم أعداؤهم, نذكركم أيضاً بسلوكه مع أسراه وبمقولته "اذهبوا فأنت الطلقاء", نذكركم بوصاياه لجيوشه بعدم الشماتة والتمثيل بالجثث. نذكركم بأن الإمام علي كان يحارب على بغلة كي لا يفر ممن كر ولا يكر على من فر فهو يدفع عدوه عنه ولا يطارده ليقتله. رسالة السيد المسيح أصرت وأوصت بالتسامح مع البشر وتحمل ظلم الظلام والثورة عليهم بالسلام والعفو عند المقدرة. لم يكبر صلاح الدين الأيوبي في عيون أعدائه لأنه هزمهم في أرض المعركة فهذه فعلها قواد كثر عبر التاريخ, إلا أنه كبر بعفوه عمن قتلوا أبناء جلدته بغية إنهاء الحروب والثأر فأصبح أيقونة يحييه أعداؤه قبل أتباعه حتى يومنا هذا. غاندي أبو الهند هزم بريطانيا العظمى التي لا تغيب عنها الشمس في ذلك الوقت والتي امتلكت أقوى جيش على وجه المعمورة في ذلك الوقت, هزمهم غاندي دون طلقة بندقية واحدة وخلد ليصبح روح الهند, وحدهم الضعفاء يسعون نحو القتل والحروب, ووحدهم العظماء يجلبون الأمن والسلام . وحدهم الضعفاء يتراكضون خلف الثأر والحقد ووحدهم العظماء والأقوياء لديهم القدرة على المسامحة والتحمل.

بناء على ما ذكر, إننا ندعو الثورة للاعتذار عن العنف الذي لحق بالسيد موفق عبد الفتاح الذي تمت محاكمته في الشارع من قبل أناس ليسوا أكفياء لذلك, ومن ثم تم إعدامه بطريقة انتقامية وهمجية. ندعو الثورة للتبرئ من هذا الفعل البربري ومن كل فعل مماثل, والعمل على عدم تكرار ذلك, نريد أن نظهر للشعب السوري أن سوريا الجديدة لا مكان فيها للقهر والعنف وحقوق الجميع مضمونة وأن المشاكل تحل فيها في المحاكم وليس في الشوارع. إن انتقادنا لعنف النظام تجاه شبابنا يحتم علينا إظهار وجه مختلف عنه وإلا فلا فرق بين ما ندعو إليه وبين النظام الحالي.
ندعو شرفاء هذه الثورة لاقتراح ما يمكن عمله لتتبرئ من العنف وضمان عدم تكراره للحفاظ على سملية الثورة.

7/6/2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق